24 يناير 2016

الدور الروسي و مشروع الشرق الأوسط الكبير



عَمِلت الإدارة الأميركية منذ تولّيها إدارة شؤون العالم على فرض سيطرتها بشكل كامل . لذلك باشرت قواها الإقتصادية والعسكرية والإعلامية والثقافية في رسم مشاريعها الإستعمارية، مُستغلّةً قوة أيديولوجيّتها التي غذّت الأفكار ودخلت عقول الناس

في العام 1956 حصل العدوان الثلاثي الذي شنّته كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على مصر لاحتلال قناة السويس، إذ سعت من خلاله الدولتان الفرنسية والبريطانية إلى استعادة سيطرتها على مناطق الشرق الأوسطإلّا أنّ الولايات المتحدة عملت بقواها الدبلوماسية لوقف هذا العدوان الثلاثي، وذلك تحقيقًا لنوايا مبطّنة لديها، وهي ضرب قدرة التأثير لهذين النظامين على مجريات الأحداث، وطردهما فعليًا من المنطقة. لهذا، بدأت الإدارة الأميركية بالعمل سرًا لاستبدال معاهدة "سايكس - بيكو"" بمشروعها الشرق الأوسط الكبير
وضع معهد واشنطن للسياسات الإستراتيجية حول الشرق الأدنى(CSIS) مشروع الشرق الأوسط الكبير، حيث أطلقته إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش على منطقة واسعة تضمّ كامل الدول العربية إضافة إلى تركيا، إسرائيل، أفغانستان، وإيران. وهذا المشروع الأميركي هدفَ إلى قيام نظام إقليمي في المنطقة وفق الرؤى الأميركية - الإسرائيلية
لعبت الولايات المتحدة الأميركية دور القائد الوحيد للأوركسترا العالمية، إذ باتت تفرض سياساتها من خلال اعتمادها على مبدأ القوة المهيمنة والفارضة لذاتها على خريطة المنطقة. فهي لم تتوانَ عن التدخّل في تفاصيل العلاقات العامة بين دول الشرق الأوسط، لذلك سارعت إلى رسم الخريطة العالمية بما يتناسب مع مصالحها الخاصة
عملت الإدارة الأميركية لتحقيق الهدفين التاليين:
- الأول، هو المحافظة على وجود الكيان الإسرائيلي من خلال إدخال منطقة الشرق الأوسط في صراعات طائفية ومذهبية لا تنتهي، تستنزف طاقاتها وجهودها لتبقى مستضعفة أمام جبروت القوى الإسرائيلية العسكرية والإقتصادية والسياسية والإستعمارية.
- الثاني، من خلال فرض ذاتها كموجّه رئيسي لسياسات المنطقة، بما يتناسب ومصالح شركاتها العملاقة فتجعل من هذه الأنظمة الحاكمة أداة تعمل لحسابها.
إنّ دخول الروسي المنطقة كان نتيجة شعوره بالتهديد الحقيقي لمصالحه في منطقة الشرق الأوسط. لذلك قرّر خوض المعركة بجيشه، بعد أن كان يخوضها عبر وكلاء عنه.
وهكذ تكون الإدارة الأميركية قرّرت التخلي الفعلي عن المنطقة بعد استنزاف مواردها النفطية والبشرية على مدى خمسة عقود، لتوجيه أهدافها إلى منطقة أخرى، ويبدو أنّ وجهتها التالية هي الصين.